تتجسد به روح الماضي وأصالة الحضارات القديمة, وترى فيه الأصول الحقيقية لفن العمارة والبناء, هو سوق القيسارية معلم تاريخي هام مازالت ملامحه ظاهرة حتى الآن.
القيساريات بشكل عام تعد أحد أشكال المنشأت التجارية الحرفية والصناعية القديمة وهي جمع كلمة قيسارية، عُرفت في العصر الروماني خلال عهد القيصر – أغسطس قيصر- في عام (63 ق. م وحتى عام 14م), وكانت تلك المنشآت تخدم التجارة وتعمل على تنمية الاقتصاد في ذلك الوقت.
وعُرفت هذه القيساريات أيضاً واستمر إنشاؤها في العصور الإسلامية المختلفة لتمارس دورها الفعال في التجارة والصناعة، وأحياناً كبيوت ثانوية أو مساكن مؤقتة لبعض العائلات الفقيرة، وكانت أبرز المدن العربية والاسلامية القديمة التي عرفت واشتهرت فيها مدينة القيروان بتونس، والفسطاط (القاهرة) في مصر، وقد أطلق اسمها على (الخان الصغير) الذي يحتوي على معامل ودكاكين تضم ورشات عمل صغيرة خلال العصر العباسي (132-656هـ/750-1258م).
سوق القيسارية
سوق القيسارية بمدينة غزة يقع في حي الدرج بالبلدة القديمة, وهو من أهم الأسواق والمعالم الأثرية التي ما زالت باقية حتى الآن ، ويطلق عليه العامة اسم (سوق الذهب) نظراً لان جميع المحلات التجارية به تتاجر بالذهب , ويعود تاريخ إنشاؤه الى العصر المملوكي 658-922هـ /1260- 1517م ، ولكن لا يوجد تاريخ محدد لإنشائه لعدم احتوائه على لوحة تأسيسية تؤرخ سنة تأسيسه.
مكونات السوق
هذا السوق يمثل نمطاً معمارياً وهندسياً يلائم الأجواء وظروف المناخ, يقع ملاصقاً للجدار الجنوبي للمسجد العمري الكبير، وهو عبارة شارع ضيق مسقوف بقبو مدبب طوله يبلغا حوالي 60 متراً، وعرضه لا يتجاوز 3 أمتار، وعلى جانبيه تصطف حوانيت تجارية صغيرة، ويبلغ عرضه على الشارع حوالي 2 متر، ويعلو المدخل الشرقي عقد مدبب كبير يعد من أهم العناصر المعمارية المميزة له و التي ما زالت باقية على حالها الى الآن.
ويتألف من الداخل من مجموعة من الحوانيت الصغيرة المتراصة إلى جانب بعضها البعض على كلا الجانبين ، ويصل عددها إلى 18 حانوتاً أو دكاناً، ويقابلها على الناحية الأخرى حوالي 16 حانوتاً أخرى ، وجميعها ذات سقف معقود بعقود متقاطعة ، ويصل عمق الحانوت أو الدكان الواحد نحو 2.7 متر.
اضرار سلبية
ويعاني مبنى السوق من الرطوبة المختزنة في داخل جدارنه والتي بدورها تشكل أضراراً سلبية عليه ، وتهدد بانهياره ، وذلك بسبب قيام أصحاب المحلات التجارية بطمس الجدران الأصلية بمواد الاسمنت الأسود والرخام والجرانيت ، أدت إلي تشويه وإخفاء المعالم الأثرية, هذه المواد جميعها تمنع خروج الرطوبة من داخل الحجر مما يسبب في ضعف الحجارة التي بُنيت منها القيسارية ويعرضها للانهيار.
مسؤولية وجهود
هذا المعلم الأثري الهام يحتاج إلى تضافر كافة الجهود للحفاظ عليه وتشرف عليه وعلى متابعته بشكل مباشر بلدية غزة ، و تقوم الوزارة بدور توعوي لأصحاب المحلات في كيفية الحفاظ هذه المحال , ونشر البروشورات التعريفية بتاريخ هذا السوق العريق والوحيد المتبقي في البلدة القديمة بغزة.